15 - 05 - 2025

عجاجيات| اقتلوا المستشار أو اطرحوه أرضا

عجاجيات| اقتلوا المستشار أو اطرحوه أرضا

فجأة أصبحت كل الأمور فى حياتنا "مية مية وتمام التمام" وعلى ما يرام.. فواتير الكهرباء عادت إلى سيرتها الاولى وأصبحت طيبة وبنت حلال وبتطبطب على الناس الغلابة، وكذلك فواتير الغاز.. والطماطم المجنونة عقلت جدا وأصبحت تقريبا ببلاش.. والدروس الخصوصية اختفت ولم يعد أي تلميذ يطرد من المدرسة أو يُذَنَّبُ تحت أشعة الشمس ،لأن أباه الأرزقى لم يستطع دفع المصاريف له.. أقسام الشرطة تستقبل كل من يلجأ اليها بالورود وأكواب النسكافيه .. والحال نفسه في إدارات المرور التى تقدم الاعتذار للمواطن إذا اضطر للبقاء فيها أكثر من ١٠ دقائق فقط لا غير لقضاء مصلحته.. سائقو الميكروباصات القاتلة حصلوا على دورات تنمية بشرية وتعديل سلوك وتوازن نفسى وأصبحوا غاية فى الادب والاحترام والانضباط.

باختصار كل شيء فى بلدنا الحبيب أصبح فلة شمعة منورة ولم يعكر صفو مصر أم الدنيا، إلا الطفل الصغير وربما المراهق الذى تطاول على رجل شرطة  وهو يقود سيارة بدون رخصة مع أصدقائه، والذى تبين أنه نجل مستشار من رجال القضاء وبادرت النيابة العامة مشكورة بالتحقيق فى الواقعة وتطبيق الأحكام المتعلقة بقانون الطفل...

انفجرت مواقع التواصل الاجتماعى بالتعليقات الغاضبة على الطفل، والتى ترى أنه تم مجاملته بحكم منصب والده.. ووصل غضب البعض إلى حد المطالبة بمحاكمة الأب سيادة المستشار بل وطالب البعض بفصله لعدم صلاحيته وإدخال ابنه الإصلاحية...

وأبادر فأسجل حزنى الشديد وتألمى لما صدر من الطفل فى حق رجل الشرطة الذى يقوم بواجبه.. ولكننى فقط أتمنى وضع الامور فى نصابها، فنحن أمام طفل يتصرف كطفل أرعن أمام اصدقاء له من نفس عينته، أطفال رعناء.. وأتساءل: هل كان الطفل سيتصرف بنفس الطريقة لو كان والده المستشار معه فى السيارة؟! ولو افترضنا جدلا أن الطفل الأرعن تطاول على الشرطى فى وجود والده المستشار فماذا سيكون رد فعله؟! يقينا وأجزم أن سيادة المستشار كرجل قانون كان سيعتذر لرجل الشرطة، وربما كان سيصفع ابنه المتهور ويؤنبه على طول لسانه...

هل يعلم الذين طالبوا بإحالة أوراق سيادة المستشار للمفتى وذبحه وإلقائه أرضا، مدى الجهد الذى بذله ليصل إلى هذه الدرجة؟! هل يعلمون أن وكيل النائب العام يمكن ان يصل الليل بالنهار لإنجاز تحقيق والوصول الى ما يرضى ضميره فى قرار الإحالة؟! هل يعلمون أن زوجات وأبناء وكلاء النيابة والقضاة محرومين من الاستمتاع بأزواجهم وآبائهم إلا فيما ندر؟! هل يعلمون أن القضاة يعملون فى بيوتهم أكثر مما يعملون فى المحاكم، وأن القضايا والطعون ترافقهم حتى فى أحلامهم؟!

يا سادة رفقا بسيادة المستشار، الأب الحزين على حال ابنه، والذى يأسف أنه لم يستطع أن يهتم بابنه بما يكفى وأنه اعطى للقضاء والأحكام والتحقيقات أكثر مما أعطى لأسرته...

يا سادة لا تنسوا أن رسول الله سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام فشل فى تعديل سلوك ابنه.. يا سادة لا تنسوا أن سيدنا ابراهيم ابو الانبياء عليه الصلاة والسلام فشل فى تعديل سلوك والده.. يا سادة لا تنسوا أن الصحابى الجليل المجاهد البطل عكرمة هو ابن أبو جهل أحد رؤوس الكفر..

يا سادة لا تنسوا أن خالد بن الوليد كان من اشد الناس عداوة لسيدنا محمد صل الله عليه وسلم ثم أصبح سيف الله المسلول.

يا سادة اسألكم الدعاء لهذا الطفل ولكل أولادنا بالهداية، وأسألكم الدعاء للأب المستشار أن يلهمه الصواب والصبر على تقويم ابنه.. وأسألكم حسن معاملة كل رجال الشرطة من أصغر جندى مرور مجند لأكبر لواء، وأسألكم ألا تنسوا العفو بينكم.
-----------------------
بقلم: عبدالغني عجاج

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | الرقص فى المترو